نسخة تجريبة حتي 13 فبراير

لماذا تُعد عمولات إعادة البيع في العقارات أعلى مما تتوقع؟ إليك ما لا يخبرك به السوق

يعتقد الكثير من البائعين في السوق العقاري المصري أن إعادة بيع وحدة عقارية عملية بسيطة: حساب سعر المطور ثم خصم الفوائد البنكية لسنوات التقسيط، ليصلوا إلى السعر المناسب… ومن ثم يُفترض أن تتم الصفقة. لكن ما يحدث على أرض الواقع يختلف كثيرًا. لا تتم الصفقات، تتأخر العروض، أو تأتي أسعار الشراء أقل بكثير مما توقعه البائع، فيبدأ في اتهام السوق أو الوسطاء أو الظروف. لكن الحقيقة أن الخطأ بدأ من لحظة التقييم، لأن الطريقة المتبعة في احتساب القيمة ببساطة “سطحية”، ولا تُراعي تركيبة تسعير المطورين ولا ديناميكيات السوق. والسؤال هنا: ما علاقة ذلك بارتفاع عمولات إعادة البيع؟

في الواقع، العمولات المرتفعة التي يتقاضاها الوسطاء عند إعادة البيع لا تُحتسب عشوائيًا أو نتيجة لجشع كما يعتقد البعض، بل تُبنى على إدراك دقيق للتعقيدات التي يتجاهلها البائعون. فالوسيط الذي يُعيد تسويق وحدة مستعملة لا يبيع منتجًا جديدًا عليه إقبال تلقائي، بل يُواجه معادلة صعبة بين تسعير غير منطقي من البائع، ومشتري ذكي يقارن كل شيء، وسوق مليء بالخيارات. ومن هنا تبدأ القصة الحقيقية.

هل خصم الفائدة كافٍ لتقييم سعر إعادة البيع؟

إطلاقًا لا. فالمطورون العقاريون حين يحددون سعر الوحدة بالتقسيط، لا يضعون فقط الفائدة البنكية (التي قد تبلغ 27.25% بحسب قرارات البنك المركزي)، بل يضيفون فوقها عدة طبقات من التكاليف غير المباشرة: مثلًا، هناك هامش حماية إضافي 2-3% فوق الفائدة لمواجهة تقلبات السوق، وهناك أيضًا علاوة انخفاض الجنيه المصري، والتي تُدمج مسبقًا في السعر النهائي نظرًا لتوقعات تآكل العملة خلال مدة تنفيذ المشروع.

أضف إلى ذلك احتياطات مواد البناء لمواجهة أي ارتفاع في أسعار الحديد والأسمنت أو تأخير في التنفيذ، وعلاوة مخاطر اقتصادية تشمل تغير السياسات أو صدور قوانين مفاجئة. ولا ننسى العمولات التي يدفعها المطورون للوكلاء العقاريين، والتي تصل في بعض الحالات إلى 6% من سعر البيع وتُحمّل ضمنيًا على المشتري.

إذًا، عندما يلجأ البائع لتقدير السعر بإزالة “الفائدة فقط”، فإنه يتجاهل كل هذه العناصر، ويضع السعر عند مستوى غير واقعي، ما يجعل الوسيط أمام مهمة شبه مستحيلة لإقناع المشتري بالعرض.

من هنا تبدأ ملامح عمولة إعادة البيع في التكوّن. الوسيط لا يُجري مجرد اتصال بين بائع ومشتري، بل يدخل في معركة مع الانطباعات الخاطئة. يحتاج لتعليم البائع أن السعر الذي وضعه غير منطقي، ويحتاج لإقناع المشتري بأن الوحدة تستحق النظر رغم أنها ليست جديدة.

كما يجب عليه أن يُعيد تسويق العقار من الصفر، باستخدام صور احترافية وجولات افتراضية وفيديوهات ترويجية عالية الجودة هذا الاستثمار في المحتوى البصري والتقني يأتي من ميزانيته الخاصة. ولا ننسى أن عملية إعادة البيع قد تستغرق شهورًا، خلال فترة يتحمل فيها الوسيط مصاريف دون ضمان عائد كل ذلك يبرر طلب عمولة أعلى عند إعادة البيع، لأنها ببساطة عملية أكثر تعقيدًا وأقل ضمانًا من البيع المباشر من المطور.

لماذا تختلف عمولة إعادة البيع عن عمولة البيع الأولي؟

الفرق الجوهري بين بيع الوحدة من المطور مباشرة وبيعها في السوق الثانوي يكمن في الجهد المطلوب. في حالة إعادة البيع، الوسيط لا يتعامل مع عقار جديد له تسويق قوي وخطط دفع مرنة، بل مع وحدة تحتاج إلى تحليل دقيق للسوق، وتحديد السعر المناسب، وإعادة تقديمها بشكل مغرٍ للمشترين، وسط عروض منافسة من وحدات جديدة أو أرخص. هذا التعقيد يتطلب مهارة، وقت، وعلاقات أقوى من البيع الأولي.

من يدفع هذه العمولة فعلًا؟ البائع أم المشتري؟

من الناحية التقنية، البائع هو من يدفع العمولة للوسيط، لكن في بعض الحالات، تُوزع العمولة بين وسيط البائع ووسيط المشتري، أو حتى يُعاد ترتيب الصفقة بحيث يتحمل المشتري جزءًا منها ضمن السعر النهائي. هذه التفاصيل يتم التفاوض عليها بعناية، وتعكس مدى احترافية الأطراف المشاركة في الصفقة. الأهم هنا أن العمولة ليست مجرد تكلفة، بل أداة تفاوض تُعيد رسم المشهد المالي بين الأطراف.

ما الذي يجعل عمولة إعادة البيع أعلى من المتوقع؟

السبب يعود إلى مجموعة من العوامل المتداخلة، منها:

  • ارتفاع تكلفة التسويق الفردي: عندما يعيد الوسيط تسويق وحدة مستعملة، يحتاج لإعلانات مدفوعة، جلسات تصوير احترافية، وربما فيديوهات ترويجية، وكلها تُخصم من أرباحه ما لم يُعوضها بعمولة مجزية.
  • طول دورة البيع: قد تستغرق إعادة البيع شهورًا طويلة، مما يعني أن الوسيط يتحمل مخاطرة تأخير العائد المالي.
  • الجهد التفاوضي الإضافي: الوسيط في السوق الثانوي يتوسط بين بائع يريد أعلى سعر ومشترٍ يريد أقل سعر، ويحتاج لتقديم تبريرات دقيقة لكل تعديل في السعر أو شروط التعاقد.
  • صعوبة الوصول إلى عملاء جادين: مقارنة بعقارات المطورين، إعادة البيع تتطلب تصفية العملاء واستهداف من لديهم نية حقيقية للشراء وليس مجرد استكشاف.

هل يستحق الوسيط هذه العمولة فعلًا؟

السؤال الأهم هنا ليس: “هل العمولة مرتفعة؟”، بل: “هل القيمة المقدمة من الوسيط تستحق هذا المقابل؟”. الوسيط المحترف لا يبيع الوحدة فقط، بل يُعيد تسعيرها، يُحلل السوق المحيط، يُقدم تقارير مقارنة، يجهز المستندات، يدير التفاوض، ويُتابع التنفيذ حتى التسجيل النهائي. بل في بعض الحالات، يساهم في تسهيل التمويل أو التحقق القانوني. كل هذه الخدمات هي قيمة مضافة تتجاوز فكرة البيع التقليدي.

هل يمكن للبائع التفاوض على العمولة؟

نعم، ولكن! التفاوض على العمولة لا يعني بالضرورة تقليلها فقط، بل قد يعني إعادة تصميم الحوافز. مثلًا، يمكن الاتفاق على عمولة أعلى عند البيع بسعر معين، أو تقليل العمولة مقابل ضمان البيع في فترة محددة. بعض الوسطاء المحترفين لديهم نماذج مرنة يمكن تخصيصها حسب رغبة البائع، لكن التخفيض غير المدروس قد يُقلل من حماس الوسيط أو من جودة الجهد المبذول في التسويق.

كيف يستفيد المشتري من عمولات إعادة البيع المرتفعة؟

قد يبدو الأمر غير منطقي، لكن العمولات المرتفعة أحيانًا تخلق نوعًا من الالتزام لدى الوسيط تجاه المشتري أيضًا، خاصة إذا كان هناك وسيطان في العملية. هذا يدفع الطرفين للبحث بجدية أكبر عن صفقة عادلة وناجحة. كما أن الوحدات في السوق الثانوي تكون في بعض الأحيان أرخص من نظيراتها الجديدة، ما يمنح المشتري صفقة أفضل رغم العمولة المدفوعة ضمنيًا.

كيف يُحدد السعر الحقيقي للعقار في السوق؟

السعر لا يُولد من عملية حسابية بل يُولد من السوق نفسه. ببساطة، القيمة الحقيقية للعقار هي “ما يرغب الناس في دفعه” مقابل هذا الأصل، وهو ما لا يمكن تحديده دون خوض اختبار السوق المفتوح. عندما يطرح العقار في بيئة تنافسية، ويبدأ المشترون في التقديم، تظهر القيمة السوقية الحقيقية. إنها النتيجة الطبيعية لعوامل مثل الموقع، حالة الوحدة، العرض والطلب، وحتى المشاعر النفسية المرتبطة بالشراء. ولهذا السبب تفشل النماذج التقليدية لأنها تفترض أن السوق عقلاني دائمًا، بينما الواقع أن القرار العقاري مزيج بين المنطق والعاطفة والتوقيت.

ما هو الفرق بين “سعر المطور” و”القيمة السوقية”؟

سعر المطور هو السعر المتوقع المبني على تحليل مالي داخلي يراعي العوائد وتكلفة رأس المال، ويُستخدم للتسويق وموازنة المخاطر. أما القيمة السوقية فهي ما يُدفع فعليًا من مشترٍ جاد في بيئة شفافة. قد يتقارب الاثنان في ظروف معينة، لكن في معظم الحالات خصوصًا عند إعادة البيع تكون القيمة السوقية أقل من سعر المطور إن لم يُعرض العقار بطريقة صحيحة.

هل هناك طريقة أفضل لتحديد السعر العادل للعقار؟

نعم، والطريقة الأذكى الآن هي المزادات الرقمية الشفافة، التي تمثل ثورة حقيقية في سوق العقارات. هذه المزادات، مثل تلك التي تُجرى عبر منصات موثوقة مثل belmazad.com، تنقل عملية البيع من العشوائية والتفاوضات الفردية إلى بيئة تنافسية عالية الدقة. يتم عرض العقار أمام جمهور واسع باستخدام صور عالية الجودة، جولات افتراضية 360 درجة، ومقاطع فيديو توضح كل التفاصيل. وبدلًا من أن يتلقى البائع عرضًا واحدًا من مشترٍ وحيد، يُتاح أمامه رؤية عروض حقيقية من عدة أطراف، مما يمنحه رؤية واضحة لقيمة العقار السوقية الفعلية.

هل يمكن تطبيق هذه المفاهيم على العقارات التجارية أيضًا؟

بالتأكيد، لكن مع تعديل بسيط في الطريقة في حالة الفنادق أو المتاجر أو المطاعم، تُصبح الحسابات المالية مثل التدفقات النقدية المتوقعة والعائد على الاستثمار عناصر أكثر أهمية. لكن حتى في هذه الحالة، السعر النهائي لا يجب أن يُحتسب فقط على الورق. فالمشتري لن يُعطيك قيمة دفترية إن لم يجد بيئة مناسبة للمنافسة. لذا، حتى عند استخدام طريقة DCF (تحليل التدفقات النقدية المخصومة)، يجب أن تُعرض الأصول في سوق مفتوح لتأكيد السعر عبر قوى العرض والطلب.

ما يجب أن يعرفه كل بائع عقار في مصر اليوم

إذا كنت تعتقد أن خصم الفائدة هو الطريق الأسرع لتحديد سعر عقارك، فاعلم أنك تنظر من زاوية ضيقة. السوق أوسع وأكثر تعقيدًا مما يبدو، والمطورون أنفسهم لا يستخدمون هذه الطريقة عند التسعير. السعر العادل لا ينتج عن معادلة ثابتة، بل عن اختبار حقيقي في سوق تنافسي وشفاف. وكلما زاد وعيك بهذه الحقيقة، زادت فرصتك في البيع بسعر مجزٍ وفي وقت أقل. التكنولوجيا اليوم تمنحك الأدوات لتفعل ذلك، فلا تكتفِ بالتقديرات النظرية. اخرج إلى السوق، واسمح للعروض أن تتكلم نيابةً عن قيمة ما تملكه.

منصة مصر العقارية

منصة مصر العقارية هي المنصة الرسمية الحكومية التي تهدف إلى تسهيل عمليات بيع وشراء وتأجير العقارات في مصر بطريقة شفافة وسهلة، مما يساعدك في العثور على بيتك في مصر بسهولة. توفر المنصة مجموعة متنوعة من العقارات السكنية والتجارية، مع إمكانية البحث والتصفية حسب الموقع ونوع العقار.

مشاركة

ذات الصلة

يوليو

07

أخرى

قد تبدو العمولة أداة بسيطة ومحفزة لتحفيز فرق المبيعات، لكن الحقيقة أن إدارة العمولات هي فن معقد، وكل خطأ فيه

يوليو

07

أخرى

يعتقد الكثير من البائعين في السوق العقاري المصري أن إعادة بيع وحدة عقارية عملية بسيطة: حساب سعر المطور ثم خصم

يوليو

07

أخرى

قد يظن البعض أن الوسيط العقاري الناجح هو فقط من ينجح في إتمام الصفقة، لكن الواقع مختلف. الوسيط الحقيقي هو

يوليو

07

أخرى

هل من الممكن حقًا أن تُنشئ شبكة عملاء قوية في مجال إعادة بيع العقارات دون أن تنفق جنيهًا واحدًا؟ قد